قال ابن حجر في فتح الباري: قوله: "باب المسك" بكسر الميم الطيب المعروف. .... والمشهور أن غزال المسك كالظبي لكن لونه أسود،... وإن المسك دم يجتمع في سرته في وقت معلوم من السنة فإذا اجتمع ورم الموضع فمرض الغزال إلى أن يسقط منه، ويقال إن أهل تلك البلاد يجعلون لها أوتاداً في البرية تحتك بها ليسقط. ونقل ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" أن النافجة في جوف الظبية كالأنفحة في جوف الجدي، وعن علي بن مهدي الطبري الشافعي أنها تلقيها من جوفها كما تلقى الدجاجة البيضة، ويمكن الجمع بأنها تلقيها من سرتها فتتعلق بها إلى أن تحتك....
والمسك ملك أنواع الطيب وأشرفها وأطيبها وهو الذي يضرب به المثل بين الأطياب جميعها لأنه يسر النفس ويقويها ويقوي الأعضاء الباطنة جميعها شرباً وشماً والأعضاء الظاهرة إذا وضع عليها. والمسك الجيد كان يوضع في آنية خاصة به تسمى (النوافج) ومفردها نافجة مصنوعة من الذهب أو الفضة أو النحاس ثم تملأ بمسحوق المسك وتوضع في ردهات قصور الخلفاء والأمراء فتعطرها بأريجها ورائحتها الذكية. ويتكون المسك في غدة كيسية يبلغ حجمها حجم البرتقالة في بطن نوع من الظباء يسمى غزال المسك.. والمسك إما أن يكون سائلاً أو جامداً، وهناك أنواع عديدة ومتنوعة.
والذي يظهر من خلال شروح الحديث أن المقصود من المسك الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باستخدامه هو مسك الغزال والمراد منه أن يذهب الرائحة الكريهة، فبأي طريقة حصل ذلك حصل المقصود من التطيب وثبتت السنة، ولذلك جاز التطيب بكل طيب دون تحديد نوع معين، والله تعالى أعلم.